العلاقة بين النظرية التربوية والنظرية المنهجية كما ذكر مد كور(1984م)، هي علاقة عموم وخصوص. فالنظرية التربوية تتكون من ثلاثة عناصر:
– العنصر الأول / الأفكار الميتافيزيقية التي يقدمها الفيلسوف أو الفلاسفة أصحاب النظرية، والتي هي أساساً جزء من بناء فلسفي أو لاهوتي معين. وعلاقة هذه الأفكار بالنظرية التربوية ليست إلا نتيجة لانعكاسات غير مباشرة لهذه الأفكار الفلسفية أو الدينية على التربية.
– العنصر الثاني / الأفكار التي يمكن تسميتها بالأحكام القيمية، مثل التربية للمواطنة، أو التربية للنمو، أو التربية للديمقراطية، أو التربية من أجل خلق الإنسان الصالح كما في الإسلام. وهذه الأحكام موجودة في كل النظم التعليمي، كما أنها ضرورية لها. وقد تكون أحياناً صريحة، وقد تكون غير صريحة في أحيان أخرى بحيث إن كثيرين من المؤيدين لنظام تعليمي معين قد يكونون غير واعين بالقيم التي يتضمنها هذا النظام، وربما كانت هذه القيم عكس ما يريدونه هؤلاء، وما يؤمنون به.
– العنصر الثالث / هو الأفكار الناشئة عن ممارسة العمل التربوي، وذلك مثل الأفكار التي نادى بها المسلمون في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم وفي عهد الخلفاء. والتي نادى بها التربويون على مر العصور. وهذه الأفكار ما هي إلا توصيات للتطبيق التربوي، ورغم أنها نظرية إلا إنها نابعة أساساً من الممارسة الفعلية المستمرة في ميدان التربية والتعليم. كما أن كثيراً من الأفكار التربوية تعتمد على نتائج التجريب في علم النفس. فتجارب علم النفس تمثل جزءاً متزايداً في بناء النظرية التربوية.
أما النظرية المنهجية فهي تتناول الأفكار السابقة المكونة للنظرية التربوية بالتحليل والتفسير، ثم تقوم بعد ذلك بتصنيفها إلى أسس نفسية، واجتماعية، ومعرفية. ثم تسير بعد ذلك خطوة أخرى إلى الأمام نحو عملية الممارسة، وذلك بأن تشتق الأهداف العامة للمنهج من الأصول المختلفة السابقة، ثم تضع المعايير التي ينبغي أن يتم اختيار محتوى المنهج في ضوئها، ثم تطرح بدائل متنوعة لطرق وأساليب التدريس، وطرق وأساليب التقويم المناسبة للأسس، والأهداف، ونوعية الخبرات المقترحة السابقة.
فنظرية المنهج تعنى بالمبادئ والأفكار والأصول التي يتكون منها أسس بناء المنهج والتي تكمن خلف الممارسات التربوية في بلد أو منطقة. ص7 ص 9